الرئيسة \  مواقف  \  أيها المسلمون أيها العرب أيها السوريون .. الحرب المفروضة علينا لا قبل لنا بها ولا ينصرنا فيها إلا ال

أيها المسلمون أيها العرب أيها السوريون .. الحرب المفروضة علينا لا قبل لنا بها ولا ينصرنا فيها إلا ال

06.10.2016
زهير سالم


موقفنا
أيها المسلمون ...أيها العرب ...أيها السوريون
الحرب المفروضة علينا لا قبل لنا بها..
ولا ينصرنا فيها إلا الحكمة والحزم




شهرا بعد شهر ، بل يوما بعد يوم ، وساعة بعد ساعة ؛ تتكشف أهداف الحرب المفروضة على عالمنا الإسلامي والعربي ، وتتوضح أبعادها ، ويجاهر بالإثم والعدوان القائمون عليها وأدواتها .
لم يبق شيء مخبوء أو مستورا ، فلقد كانت البداية من فلسطين ، ثم طارت إلى أفغانستان ، لتعود إلى العراق ومصر وليبية واليمن وسورية ليكون ( جاستا ) آخر محطاتها ولا نظنه سيكون الأخير ...
أيها المسلمون ..ايها العرب ...أيها السوريون ..
إن ما نزل بالأمة لخطب جلل ، وإن صح تأويل حديث الأمم المتداعية على أمتنا ، في عصر فلا نظن أنه قد مر على المسلمين عصر كان أصدق تمثيلا لما حذر منه الصادق المصدوق . وننظر إلى ما اجتمعت عليه قوى العدوان والإثم بالأمس ، فنقول فلسطين ، وننظر إلى ما تجتمع عليه اليوم ، فنقول العراق والشام واليمن ، وننظر إلى ما يدبر ويحاك في الغد فيطالعنا ( جاستا ) بكل دلالاته التي يوجزها القول ( حكم القوي على الضعيف ) في عالم أصبح غابة تحكمها الغرائز أكثر مما تحكمها الشرائع والقوانين ..
أيها المسلمون ..أيها العرب ..أيها السوريون
يدرك أي عاقل يقلب الأمور ظهرا لبطن ، وصدرا لعجز ؛ أن الذرائع التي تحارب هذه الأمة تحتها اليوم حرب إبادة واستئصال ، ما هي إلا شباك سبق إلى استنباتها وتغذيتها هؤلاء المعتدون . فهؤلاء ليسوا كما يقولون ويزعمون يريدون حربا على الإرهاب والإرهابيين ، والتطرف والمتطرفين ، بل هم يستثمرون في الإرهاب والإرهابيين ، والتطرف والمتطرفين . يظللون على الإرهاب ويغذونه ويمدونه ليتذرعوا به في تدمير ديار المسلمين ، وفي إبادة خضرائهم ، واستئصال شأفتهم ، في قتل صغارهم وكبارهم ، ونسائهم ورجالهم ، في أبشع حرب إبادة منظمة شهدها التاريخ . ثم يمدون أعينهم وايديهم إلى ما في أيدي المسلمين من مقدرات وما في بلادهم من ثروات ؛ ليقطعوا عليهم طريق نهضة يخافونها منهم بعد عثرة ، وليصادروا عليهم غدهم كما صادروا عليهم أمسهم ويومهم ، يضربون أبناء الأمة بعضهم ببعض ، تفريقا للدين ، وتشتيتا للموقف .
أيها المسلمون ..أيها العرب ...أيها السوريون
أما هدف هذه الحرب الهمجية الوحشية القذرة ، فهي محو الأسطر والآيات البينات التي خطها نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليه صلوات الله وسلامه من وعي الإنسان . بقتل حملة الرسالات وتدمير وعيهم ، وحرفهم عن سنن الفطرة والدين القيّم الذي ما زال قلعة صامدة راسخة في وجه ( ديانة السوق ) ( ديانة التشييء والتسليع والرغبة والاشباع ) . وأما أبعاد هذه الحرب فالذهاب أبعد في سنة فرعون (( إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ )) . ثأر تاريخي يشترك فيه الرعاة والأدوات ؛ واحد ينادي يالثارات اليرموك حطين والآخر ينادي يا لثارات القادسية و الحسين ، في تعبير مفضوح عن حقد دفين وكراهية مقيتة .
أيها المسلمون ...أيها العرب ..أيها السوريون
وحين نتابع ما يجري على الأرض السورية أجمع ، وما يجري في حلب منها بشكل خاص ، من حصار وتجويع وحرمان من الماء والدواء ، وعدوان متماد بكل ما في ترسانة الشر العالمية من سلاح – حتى قالت التقارير عن قنابل الشمس الحارقة إنها في درجة تدميرها وإبادتها تصنف ما قبل النووي ، معتبرا بحال الأمة أجمع ، وما هي فيه من وهن نفسي وهو الداء الأخطر ، ونزاع وفشل وتفرق ، وقلة حيلة ، وضعف مقدرات ؛ يدرك المفارقة العظيمة في معادلتي الموقف ، فيخال أن السهم ، سهم البغي والعدوان ، قد نفذ ، وأنه ليس للأمة اليوم إلا الركون إلى العجز ، والتعلل بالضعف واعتباره العذر المحل ، من تحمل المسئولية ، ومن القيام بحق الله ، وحق الأمة في الحفاظ والذود ، والمصاولة والمواجهة ؛ حتى ليطأطئ الرجل من رجالات هذه الأمة رأسه بين رجليه ، متشاغلا عن خطر يدهمه، منتظرا قدره وساعته . وكأن اليأس قد ركبه فملك عليه عقله وقلبه وشل يده ورجله ، فلا يدري ما يأتي ولا ما يدع ، في حالة من الركون القدري ، وكأنه وهو صاحب القرار الخشبة الطافية على سطح الماء ، تلعب بها الريح وتتقاذفها الأمواج .
أيها المسلمون ..أيها العرب .. أيها السوريون ..
وإنه مهما بالغ المبالغون في توصيف حالة الضعف ، ومهما اختبأ العاجزون وراء أعذار العجز ، ومظاهر الضعف ،ودواعي اليأس ؛ فإن أتباع الرسل عليهم صلاة الله وسلامه بخير ، وإن أتباع محمد صلى الله عليه وسلم ، بما انطوت عليه قلوبهم من يقين ونور وحكمة وعلم ورشد وجرأة وقوة واستعداد لتحمل المسئولية ، والتصدي للصعاب ، ومواجهة التحديات ، ورد أفانين العدوان وأشكاله بألف الف خير ...
وقلما مرّ على أمة الإسلام ، ربما ، في تاريخها الطويل أن قدمت نخبة من المجاهدين الأبطال ، والفرسان المغاوير ، والصابرات المحتسبات ، والأطفال المتربصين ؛ كما هو الحال في هذه الأيام . حتى لنقول إن جيلنا هذا في عراقه وشامه ويمنه قد تقدم بحق على جيل صلاح الدين ، ولكنه لم يظفر بصلاح الدين . وإذا نظرنا إلى صمود الصامدين في حلب وإدلب في دير الزور وحمص والوعر والغوطة ، ورأينا على كم جبهة يقاتلون ، وكم من تجمعات العدو ينازلون ، وعلمنا أنه قد كان الأخطر علينا وعلى ثورتنا وعلى شبابنا المجاهدين ، هؤلاء الذين يرفعون رايات الإسلام زورا ، ويتسللون إلى صفوفنا تحت عباءة دولته التي زيفوها لنواجههم في محور واحد مع من يدعون أنهم شيعة آل محمد , وآل محمد براء من هؤلاء ، كما ان دولة الإسلام بريئة من أولئك ، ثم نظرنا إلى ما يمطرنا به الروس ، والحلفاء ؛ ندرك أن عماد قوتنا في معركة مفروضة علينا ، هو هذا الرصيد الحي من شباب (( خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ )) وندرك أن القائد الذي يعجز أو يتعاجز ، عن الجمع والتأليف ، إنما يؤتى من قبل نفسه ، لا من قبل ما نزل به من خطب وهو ولاشك عظيم .
أيها المسلمون ..أيها العرب ..أيها السوريون ..
لا أحد يزعم أن نصرنا في الحرب المفروضة علينا سهل أو قريب ولكنه ليس مستحيلا . وإن كان أشرار العالم قد قرروا أن يرمونا عن قوس واحدة ، وبكل ما في ترسانة الشر العالمي من سلاح ؛ فإننا نملك من نور الحكمة ويقين الإيمان ، ما يعيننا على النصر الذي نريد واقرؤوا إذا شئتم : (( كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ )) . لا ينجينا والله في حربنا مع قوى الشر العالمي إلا إيمان ويقين ووحدة صف ، تجمع المستأخرين بنا بالمتقدمين .
لندن : 4 / محرم 1438
5 / تشرين أول / 2016
----------------
*مدير مركز الشرق العربي
zuhair@asharqalarabi.org.uk